الاثنين الرابع والعشرين من رمضان ١٤٤٦ للهجرة المشرفة
ماجد ساوي
y
يعزى ظهور الكتاب في الارض بمرحلة بدا الكتابة وكانت البشرية تكتب على الجدران والاعمدة والصخور والجبال وغيرها ثم لما تمدنت اصبحت تكتب على الجلد والعظام حتى اختراع الورق في الحضارة الصينية القديمة فصار الناس يكتبون عليه .
فظهرت اشكال عديدة للمكتوبات كالرسائل بين الملوك وكتابة الحكمة والعلوم في الاوراق حتى تبلورت نظرية الكتاب فظهر اولا في بني اسرائيل لتدوينهم التوراة وكانت ورقة طويلة مطوية على عمودين صغير ؛ تفرد عند الرغبة بالقراءة .
ثم تغير شكل الكتاب الى ان يكون صفحات مجموعة في اصل واحد تفتح تباعا لتقرا ، وهو الشكل الذي عليه الكتاب في عصرنا الحاضر وهو الاكثر شيوعا - وان كانت ظهرت اشكال متعددة كالصحيفة المطوية والرسالة المختومة وغيرها من الاشكال.
ولما كان الدين اهم مايمكن ان يكتب فيه فان الامم اولت كتب الدين اعلى الاهتمام ونجد اليوم مثلا ان الكتب المتعلقة بالدين ذات صف مختلف وعناية عالية وزخرف متميز والكثير من الناس يرونها امورا مقدسة لايجوز المساس بها او اهانتها او التعدي عليها باي نوع من الاعتداء.
والحقيقة ان الصورة التي عند الناس من تقديس كتاب الدين جعلت منه مصدرا لكل شر ، فكثير - ان لم يكن الغالب منها - كتب الدين هي مجرد محتوى فارغ وفيها الكثير من الجهل والعلوم الفاسدة وان لم يكن اغلبها ذو مواد غير علمية وليس اكثر من عرض لنظريات بائسة ومباني فكرية متهاوية واراء مغلوطة وجمع لاغير لكل ماخف من العلوم والمعارف التي لا تحل مشكلة بل انها تنشىء المشاكل حقيقة.
فنظرة الناس لاي كتاب ديني بشيء من القداسة هي اكثر اسباب انتشار الافكار السيئة والعلوم التالفة والمعارف المنحرفة والاراء المتهافتة والنظريات الغير العلمية اصلا ؛ لكنهم رغم هذا يستمرون بنشرها وطباعتها وتوزيعها ودراستها وتدريسها وتعليمها وحفظها وشرحها وتداولها ؛ بزعم ان مافيها هو دين يدينون الله به ؛ فقط لانها مزخرفة ومزينة ومرتبة والاكثر من ذلك هو لانها عندهم مقدسة.
فحري بنا ان لا نولي اي كتاب اي نوع من القداسة فقط لانه كتاب في الدين وان مافيه هو عين دين الله جل وعلا ؛ بل علينا مساواتها بغيرها من الكتب - الغير متعلقة بالدين والتي نوليها اهتماما اقل - وان يكون نهجنا في التعامل معها هو عين النقد والتمحيص والفحص والاختبار والامتحان والسبر لمعرفة ان مافيها هو حقا دين الله تعالى ام انها مصدر من مصادر الجهل لاغير ؛ والحمدلله رب العالمين واليه تصير الامور.