الثورة في الاسلام والشخصية الثائرة ؛ مناقشة موضوعية
الثورة في الاسلام والشخصية الثائرة ؛ مناقشة موضوعية
الثلاثاء السادس والعشرين من ذو الحجة ١٤٤٥ للهجرة المشرفة
ماجد ساوي
y
تمثل الثورة على نظام سياسي قائم امرا نبيلا بصورتها الاولى المتكونة من مجموعة افكار ترنو للاصلاح ؛ الا ان الحقيقة التاريخية تقول غير ذلك فكثير من الثورات طوال التاريخ لم تصل للاصلاح بل ان الفساد ازداد وعم وطم بعد الثورة ؛ وماقول الشاعر " الا ليت ظلم بني امية دام لنا وليت عدل بني العباس في النار " متحدثا عن الفرق بين الحكم الاموي والحكم الثائر عليه اي الحكم العباسي.
الرجل الثائر هو رجل ممتعض من النظام السياسي القائم ويرى ان الحل هو بزوال هذا النظام السياسي برمته ؛ وهو حتى هنا لايزال منطقيا فان بعض النظم السياسية الفاسدة لايكون الحل معها الا باجتثاثها تماما ؛ فحينما تكون الدولة في ايدي طغمة قليلة منتفعة من سدة الحكم والشعب يان تحت وطاة الجور في الحكم والبغي في السلطان والظلم في القسمة فانه لابد من تغييره ان كان هذا حاله .
الا ان الامر يختلف ان كنا نتحدث عن نظام سياسي ليس فاسدا تماما وليس صالحا تماما بحيث انه يعتريه الخلل - وهذا امر مفهوم والكمال لله جل وعلا وحده - الا انه ليس فاسدا بشكل يؤدي الى ضرورة ازالته وتغييره ؛ وهنا يصبح الثائر عليه غير محق في طلبه للثورة عليه بل انه مخطيء تماما في خياره هذا .
فان كان النظام السياسي عادل نوعا ما بحيث انه توجد فيه قسمة شبه عادلة - وليست جائرة تماما - للثروات بين الناس وهنالك امن اقتصادي واستقرار اجتماعي وعدالة نوعية للقضاء وحفظ للحقوق وصون للواجبات ؛ ومن امثلة ذلك ان لايكون الممتلك لسدة الحكم طاغوتا ظالما مستبدا بالامر ؛ فان التعامل هنا مع هذا النظام السياسي يكون مختلفا .
وفي هكذا احوال فان السعي لاصلاح النظام السياسي من هذا النوع - الشبه عادل - يكون بالمساهمة السياسية بالنصيحة وانتقاد اعمال السلطان والتنبيه للاخطاء التي يقع فيها المسؤولون ولفت الانتباه للفساد ان وجد والحث عن توخي معاني العدل لدى الحاكم السياسي للبلاد ؛ وهنا لايكون هنالك اي مسوغ للدعوة للثورة او السير اليها؛ وهو ماقام به ائمة اهل البيت مع السلاطين والخلفاء الذي حكموا في ازمنتهم فانهم قعدوا عن الدعوة للخروج عليهم .
وعليه فان الثورة لا تكون ضرورة الا في حالات خاصة ولعل اشهر ثورة في تاريخنا كمسلمين هي ثورة الامام الحسين عليه الصلاة والسلام التي كانت ضرورة لان الامام راى انه لاسبيل للاصلاح من داخل النظام مع وجود خليفة كشخص يزيد بن معاوية الفاسد تماما ؛ والا فان الثورة هي حل ثانوي يطرح في سياقات محدودة ومتغيرات مثبتة ؛ والا فان الاصل هو التعامل مع السلطان القائم بما تسمح به الظروف الموضوعية والحرص على اصلاحه من الداخل ان امكن ذلك ؛ والحمدالله رب العالمين واليه تصير الامور.