.. الحركة الوهابية في ميزان الشريعة ( ١ ) منطقة نجد عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب

 

 

السبت الرابع من شوال ١٤٤٥ للهجرة المشرفة

ماجد ساوي

 

y







الحقيقة ان بداية دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب يتم تقديمها من قبل انصار هذه الدعوة على ان عامة منطقة نجد كانت غارقة في الشرك والوثنية وان القبور منتشرة فيها وان دعاء اصحاب هذه القبور وطلب شفاعاتهم هو السائد .

والواقع ان هذا التقديم الذي يخفي داخله الانتصار المسبق لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب من قبل مؤرخيها ويقول احد مؤرخي الحركة الوهابية وهو امين الريحاني في كتابه " تاريخ نجد وملحقاته " قبل ظهور هذا المُصلِح النجدي كان العرب في نجد، بل في الشطر الشرقي من شبه الجزيرة، منغمسين في عقائد وعباداتٍ جاءتهم من النجف ومن الأهواز، أو بالحري من بلاد فارس، فكان لا يزال لإباحات القرامطة أثَرٌ في الأحساء، وكانت للقبور شفاعة لا شفاعة فوقها، فأحلَّها الناس المحلَّ الأعلى في العبادة والتوسُّل. والحق يُقال: إن هذه البِدَع أو هذه الخرافات القديمة أبعدت العرب باديةً وحاضرةً عن حقيقة الدين الكبرى وجوهره الأزليِّ الحي" انتهى كلامه ( ١ ) .

ويقول الشيخ عبدالعزيز ابن باز - وهو من علماء الوهابية المعاصرين وشغل منصب المفتي العام في الدولة السعودية في محاضرة له عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب " كان أهل نجد قبل دعوة الشيخ على حالة لا يرضاها مؤمن،وكان الشرك الأكبر قد نشأ في نجد وانتشر حتى عبدت القباب وعبدت الأشجار، والأحجار، وعبدت الغيران، وعبد من يدعي بالولاية، وهو من المعتوهين، وعبد من دون االله أناس يدعون بالولاية، وهم مجانين مجاذيب لا عقول عندهم، واشتهر في نجد السحرة والكهنة، وسؤالهم وتصديقهم وليس هناك منكر إلا من شاء االله، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وشهواتها وقل القائم الله والناصر لدينه وهكذا في الحرمين الشريفين وفي اليمن اشتهر في ذلك الشرك وبناء القباب على القبور، ودعاء الأولياء والاستغاثة، وفي اليمن من ذلك الشيء الكثير، وفي بلدان نجد من ذلك ما لا يحصى، ما بين قبر وما بين غار، وبين شجرة وبين مجذوب، ومجنون يدعى من دون االله ويستغاث به مع االله، وكذلك مما عرف في نجد واشتهر دعاء الجن والاستغاثة م وذبح الذبائح لهم وجعلها في الزوايا من البيوت رجاء نجد وخوف شرهم، فلما رأى الشيخ الإمام هذا الشرك وظهوره في الناس وعدم وجود منكر لذلك وقائم بالدعوة إلى االله في ذلك شمر عن ساعد الجد وصبر على الدعوة وعرف أنه لا بد من جهاد، وصبر، وتحمل للأذى " انتهى كلامه ( ٢ )

والحقيقة ان واقع منطقة نجد انها كانت تدين بالمذهب الحنبلي وكانت الفتوى انذاك من عامة علماء نجد بجواز التوسل بالصالحين وكان الناس يتوسلون بقبور بعض الصحابة كزيد بن الخطاب وغيره والتوسل مشروع في مذهب احمد بن حنبل وهذا امر مفروغ منه .

ولكن اراء الشيخ محمد بن عبدالوهاب الجديدة - ومنها تكفير المتوسلين بالصالحين - هو ما دعا اليه اهل تلك الاقاليم واتهم الناس بالشرك والوثنية وقامت سجالات عديدة بينه وبين طائفة من علماء نجد ممن كانوا يقولون بجواز التوسل بالصالحين ؛ الا انه دعا الى تكفيرهم واخذ ينشر مذهبه المحدث الجديد بين الناس.

يقول امين الريحاني في كتابه " تاريخ نجد وملحقاته " بعد عودته الثانية إلى مسقط رأسه يبدأ فعلًا نشْر الدعوة، بل قد شبَّث هناك نيران حربها، فرُفعت بين الأنصار أعلامُ التوحيد، ولمعت سيوفُ الحق المسلولة. ارْدَعُوا المعاندين والمعارضين! وكان الشيخ محمد يزداد شدةً يومًا فيومًا، فاشتهر أمرُه في جميع بلدان العارض، في حريملة والعيينة والدرعية والرياض والمنفوحة، وتعدَّدت أتباعه وأعداؤه، بل ظهرت الأنصار وكان ثنيَّان بن سعود وأخوه مشاري في طليعتهم.

ولكن النصير الأول الكبير هو عثمان بن معمر الذي كان يومئذٍ أمير العيينة، وقد اتفق ابن معمر وابن عبد الوهاب على العمل الأول الخطير في نشر الدعوة، العمل الذي أَضرم نار الحماس ونار العداء في الناس.

قلت: إن عرب نجد كانوا يومئذ يقدِّسون القبور، بل كانوا يعبدون القِباب فوق القبور، والأشجار التي يزرعونها في ظلِّ القِباب، فأول ما باشره الشيخ محمد هو أنه أمر الأمير عثمان تلميذه الأول من الأمراء الحاكمين بهدْم القباب والمساجد المبنية في الجبيلة على قبور الصحابة، وبقطع الأشجار التي كانت تتوسَّل إليها الناس.

قبل الأمير، وخرج والشيخ وجماعة من الأنصار إلى الجبيلة فهدموا قباب القبور، قبور الصحابة هناك، ثم تناول الشيخ محمد الفأس بيده، وانهال به على الشجرة التي كانت مشهورة في وادي حنيفة بعجائبها، شجرة «الذيب» ولية الفتاة طالبة الحبيب، والأرملة ذات القلب الكئيب، والزوجة حاملة الطِّيب، تبغي الابن الحبيب." انتهى كلامه ( ٣ ).

فنجد ان حال منطقة نجد- عند ظهور دعوة الشيخ - لم حقيقة على الشرك والوثنية كما يصور انصار الشيخ واتباعه وعلماء الطائفة الوهابية ومؤرخوها؛ بل انها كانت حنبلية المذهب وليست مشركة او وثنية .

_____________________________________

( ١ )

تاريخ نجد وملحقاته ؛ امين الريحاني ؛ صفحة ٣٥

( ٢ )

الإمام محمد بن عبد الوهاب ؛دعوته وسيرته ؛عبد العزيزبن عبد االله بن باز ؛محاضرة ألقاها في عام 1385 هـ حينما كان نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة صفحة ١٣.

( ٣ )

تاريخ نجد وملحقاته ؛ امين الريحاني ؛ صفحة ٣٧ - ٣٨

ماجد ساوي

الموقع الزاوية
https://alzaweyah.org/

 

 

نظام التعليقات والمشاركة في موقع الزاوية الادبي

 

اهلا وسهلا
 

 

 



free counters